وهذا المعيار معيار عادل لا يستطيع أحد أن يماري أو يجادل فيه، ولا عذر لأحد فيه، فلو أن الفضل كان في غير هذا لجاء الإنسان وله معاذيره، فإن قلت له: لماذا لم تفضل الناس في النسب؟ لقال: أنا ولدت في نسب أقل، أو في نسب وضيع، ولا يملك في ذلك شيئاً، ولا يستطيع أن يغير نسبه، لكنه يستطيع أن يتقي الله، ويستطيع أن يعبد الله، يستطيع أن يكون أكثر خضوعاً وذلاً وتقرباً إلى الله؛ ولو كان أبوه من أكفر الكفار.
إذاً فهذا المعيار لا عذر لأحد فيه، وجعله الله موضع التنافس، وقطع كل ما عدا ذلك، ولهذا جعل الله سبحانه وتعالى الساعة، وجعل الحساب بناء على الأعمال لا على الأنساب، قال الله سبحانه وتعالى في آخر سورة المؤمنون: (( فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ ))[المؤمنون:101]، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من بطأ به عمله، لم يسرع به نسبه )، وفسر ذلك عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه بأنه عند المرور على الصراط.